Khaled Abu Shadi

مقتطفات من كتاب المهاجر درس الهجرة الأول: دينك أغلى!!لما أراد صهيب الرومي الهجرة وقع في بعض فخاخ المشركين المنصوبة له، ولم يكد صهيب يراهم ويواجههم من قريب حتى صاح فيهم قائلاً:«يا معشر قريش!! لقد علمتم أني من أرماكم رجلاً، وأيم الله لا تصلون إليَّ حتى أرمي بكل سهم معي في كنانتي، ثم أضربكم بسيفي حتى لا يبقى في يدي منه شيء، فأقدِموا إن شئتم، وإن شئتم دللتكم على مالي وتتركوني وشأني».فقبلوا أن يأخذوا ماله قائلين له: أتيتنا صعلوكا فقيرا فكثر مالك عندنا، وبلغت بيننا ما بلغت، والآن تنطلق بنفسك ومالك!! فدلَّهم على المكان الذي خبأ فيه ثروته، وعندها تركوه وشأنه، فاستأنف هجرته حتى أدرك رسول الله ص في قباء حيث كان جالسا مع بعض أصحابه، ولم يكد رسول الله ص يراه حتى ناداه متهللا: «ربح البيع أبا يحيى!! ربح البيع أبا يحيى!! ».ونزل فيه قول الله تعالى: ﴿ ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رؤف بالعباد ﴾.أخي .. حسم صهيب الاختيار من أول وهلة، فحين خيِّر بين ماله ودينه اختار دينه على الفور.أخي .. وأنت يا أختاه ..أي خير في أن يُصاب دينك وتسلم دنياك؟!بل ماذا يضرك إذا سلم لك دينك على حساب دنياك؟! ويبقى السؤال قائما وفاضحا لحقيقة الإيمان:إذا اضطررت يوما إلى التضحية فبأيهما تبدأ؟ دينك أم دنياك؟أخي .. تذكر صهيبا عندما تُعرض عليك الرشوة المغرية التي تلوي أعناق الرجال.تذكر صفقته الرابحة حين يعرض عليك الشيطان صفقات خاسرة تستهدف إيمانك وآخرتك.تذكر صدى بشرى الحبيب: «ربح البيع .. ربح البيع» حين يُطلب منك أن تضحي بدنياك في سبيل نصرة دينك، وحين تبذل العاجلة بزوالها في شراء الآخرة بخلودها. وليشكِّل هذا الدرس نقطة مفصلية في حياتك ومعنى خالدا محفورا في وجدانك، فلا يمكن أن تنساه مهما تغيَّر الزمان وتبدَّل الإخوان.ولأجل هذا ترك الصحابة أموالهم وديارهم، وفارقوا أهلهم وعشيرتهم، لأن دينهم أغلى وطاعة ربهم أولى، وافتدى صهيب دينه بثروته التي أنفق شبابه في جمعها، فكان كقائد السفينة التي أوشكت على الغرق من ثقل حمولتها، فضحَّى بالحمولة مهما كانت غالية في سبيل إنقاذ حياته، أو كالذي وقع أسير عصابة أرادت قتله فافتدى نفسه بكل ما يملك، لتبقى الرسالة الخالدة من الهجرة: دينك أغلى من كل شيء، فلو اضطررت إلى أن تضحي بكل شيء في سبيل سلامة دينك فافعل. نلتقي غدا في ساقية الصاوي